عبد الغني جزولي – كليك نيوز
هنا في عروس الشمال في طنجة حيث يلتقي المتوسط والأطلسي في تناغم كبير على ضفاف شاطئ “مرقالة ” ، يأخذك مقهى الحافة في رحلة فريدة من نوعها ، عنوانها البارز ، البساطة والتفرد ، مكان ساحر يعرف كيف يُجدد نفسه وكيف يصنع الدهشة بكراسيه البسيطة وبفسيفساء موائده الإسمنتية، التى حافظت على طابعها الأصيل زهاء قرن من الزمن ويزيد، بجدرانه المطلية بالجير ، وأثاثه المتواضع ، و شرفاته الجميلة المطلة على مضيق جبل طارق ، ومذاق شايه “المنعنع ” ،استطاع مقهى الحافة أن يتحول إلى مزار سياحي تجاوزت شهرته حدود الوطن ، و أثار اهتمام المشاهير من مختلف المجالات.
في سنة 1921 وفي مكان شبه مهجور على جنبات حي مرشان ، قرر رجل طنجاوي يدعى “بَّا محمد ” تشييد مقهى بإمكانيات بسيطة، و أطلق عليه إسم ” الحافة “، تحول فيما بعد إلى قبلة لأسماء وازنة من الكتاب والمفكرين والمشاهير ، من أمثال الروائي المغربي محمد شكري صاحب ” الخبز الحافي ” ، الذي كان يقضي في المقهى أوقاتا طويلة للإستمتاع بجمال المكان وهدوءه ، و الكاتب الأمريكي بول بولز الذي اختار الإقامة في طنجة منذ سنة 1935 ، واحد من الشخصيات البارزة التي بصمت تاريخ “الحافة”، حيث كان يقضي وقتا كبيرا في الإستمتاع بمذاق الشاي المنعنع والعمل على كتابة نصوصه ، ومن أشهر أعماله الآدبية التي شكلت طنجة – عموما ومقهى الحافة خاصة – مسرحا لنسج خيوطها، نجد “السماء الواقية” (1949) و”دعه يسقط” (1955) و “بيت العنكبوت” (1962)، ومن المشاهير الذين كان لهم مكان محفوظ في المقهى، أو زاروه مرارا ، فرقة “البيتلز” البريطانية، ورئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل، وأمين عام الأمم المتحدة كوفي عنان وزوجته.
التقى ” كليك نيوز ” ببعض رواد المقهى، ومنهم (ياسين ) شاب في آواخر العشرينيات ، وهو أحد سكان حي مرشان الذي يتواجد به المقهى ، يقول ياسين : ” لمقهى الحافة مكانة خاصة في حياتنا نحن الطنجاويين على طول السنة، لكن كلما حل فصل الصيف يصبح المكان مكتظا وفي أحيان كثيرة يصعب إيجاد مكان للجلوس ، الأمر الذي يدفع بالكثير من الطنجاويين إلى الإستغناء عن جلسات الحافة إلى حين إنتهاء موسم الصيف وعودة الهدوء للمكان “.
وحدثتنا الطالبة الرباطية (مريم )ذات 24 ربيعا ، عن عشقها للمكان، قائلة : ” تجمعني بهذا المقهى ذكريات جميلة ، زيارتي الأولى إلى طنجة سنة 2018 كانت من أجل متابعة الدراسة بأحد المعاهد الخاصة ، أما مقهى الحافة فاكتشفته من خلال صديقي الطنجاوي “حسام ” ، ومنذ ذلك الوقت أدمنت الجلوس هنا و كلما سمحت لي الظروف بزيارته لا أتردد في القدوم .”
من جهته يقول محمد لـ” كليك نيوز ” : ” ارتشاف الشاي المنعنع في مقهى الحافة العتيق أشبه ما يكون بعناق غجرية ، المكان هنا ساحر وعصي عن الوصف ، لا يوجد مكان في العالم يشبه الحافة ، أما مونيا فتقول: ” المقهى جميل، لكنه تحول لمقهى خاص بمدخني الحشيش ، ولتفادي هذا النوع من الزبائن أصبحت أفضل زيارة المكان في فترة الصباح حيث الأجواء هادئة والمكان شبه فارغ .