سجلت معايير الديمقراطية تراجعا جديدا في العالم عام 2021 وسط تداعيات وباء كوفيد والدعم المتنامي للاستبداد، حيث بات نحو 45 بالمائة فقط من سكان العالم يعيشون في ظل أنظمة ديمقراطية، وفق تقرير لـ”وحدة الايكونوميست للاستقصاء” نشر الخميس 10 فبراير.
وقال تقرير “المؤشر السنوي للديمقراطية”، الذي يقيّم حالة الديمقراطية في العالم، إن الوضع بقي كما كان عليه عام 2020، أي أقل من نصف سكان العالم فقط يتمتعون بالديمقراطية، وهذا المنحى أيضا آخذ في التدهور. وأظهر أكبر تراجع له منذ عام 2010، مسجلا أسوأ نتيجة منذ إصداره عام 2006 للمرة الأولى.
وللـ”مؤشر السنوي للديمقراطية”، الذي يقيّم حالة الديمقراطية في العالم، درجات، وتصنّف الدول تبعا لمعايير المشاركة السياسية والعملية الانتخابية والأداء الحكومي والتعددية السياسية والحريات العامة وسيادة القانون والمساواة، وثمّة أربع خانات تُدرج الدول فيها؛ خانة الدول كاملة الديمقراطية، ثم الدول ذات الديمقراطية المعيبة، بعدها الدول التي تحكمها أنظمة “هجينة” تجمع ما بين الديمقراطية والاستبداد، والخانة الرابعة هي خانة الدول ذات الأنظمة المستبدة.
كيف صُنّفت دول الاتحاد الأوروبي؟
إسبانيا تتراجع عن ممارسة القيم الديمقراطية
في أوروبا تم خفض تصنيف اسبانيا إلى “ديمقراطية معيبة”، ما يعكس تدهور استقلالية القضاء فيها، بحسب المؤشر، الذي حدد نسبة التراجع في ممارسة القيم الديمقراطية بـ 0.18 عن العام الذي سبقه، والسبب الرئيس يعود حسب التقرير إلى التعيينات القضائية رفيعة المستوى والتي توقفت لأكثر من ثلاث سنوات حيث تعطل إصلاح عملية التعيين في المجلس العام للقضاء، الذي يشرف على تعيين قضاة المحكمة العليا الإسبانية، بسبب خلاف بين الحكومة والمعارضة.
وذكر التقرير أن إسبانيا عرفت انخفاضا في المؤشر في عام 2017 في أعقاب الأزمة الكاتالونية، التي شهدت اتخاذ الحكومة المركزية في مدريد إجراءات “غير دستورية ضد السياسيين الكتالونيين المؤيدين للاستقلال ” .
أي بلدان الاتحاد الأوروبي سجلت ارتفاعا في التصنيف؟
الديمقراطيات الكاملة
تصدرت النرويج وفنلندا مؤشر الديمقراطية، إلى جانب السويد والدنمارك و النمسا وهولندا ولوكسمبورغ. أما بريطانيا التي تصنف من غير دول الاتحاد، فقد تراجع ترتيبها أيضا بعد فضائح تتعلق بتمويلات الأحزاب وغيرها، لكنها لا تزال تصنف “ديمقراطية كاملة” والتي يبلغ عددها حسب المؤشر21 دولة. أما من غير الدول الأوروبية فنجد ضمن الفئة ذاتها كوريا الجنوبية واليابان وموريشيوس وكوستاريكا. بينما احتلت كوريا الشمالية وميانمار وأفغانستان المراكز الثلاثة الأخيرة.
“الديمقراطيات المعيبة”
صنفت فرنسا ضمن “الديمقراطية المعيبة”، وهو التصنيف الذي حافظت عليه من 2020 كما تندرج الولايات المتحدة وإسرائيل وجنوب أفريقيا في هذه الفئة نفسها. ويقول التقرير الآنف الذكر، إن فرنسا ظلت منذ 2020 ضمن صنف “الديمقراطية المعيبة” بسبب إجراءات التدابير المتخذة للحد من جائحة كورونا.
فإلى جانب انضمام إسبانيا إلى “نادي” ما يطلق عليه بـ “الديمقراطية المعيبة”، تبرز ضمن هذا التصنيف دول مجاورة مثل إيطاليا والبرتغال وبلجيكا والتي اعتبرها التقرير دولا “تعثرت” في تطبيق نظامها الديمقراطي. ويضاف إلى الفئة نفسها: إستونيا، البرتغال، جمهورية التشيك، إيطاليا، مالطا، اليونان، سلوفينيا، لاتفيا، سلوفاكيا، بولندا، المجر و كرواتيا.
“الأنظمة الهجينة” من غير دول الاتحاد
يقول التقرير إن دولا في أوروبا الشرقية عرفت نقلة نوعية من خلال انتقالها إلى صنف “الديمقراطيات المعيبة”، و تبرز في هذا الصدد (مولدوفا، الجبل الأسود و جمهورية شمال مقدونيا) والتي كانت من قبل ضمن تصنيف “الأنظمة الهجينة”. ويشير التقرير إلى تراجع جمهورية قيرغيزستان ثماني مراتب في التصنيف وهي الآن من ضمن “الأنظمة الاستبداية”. وضمن تصنيف “الأنظمة الهجينة”، تندرج أوكرانيا، جورجيا وروسيا. ويشير التقرير إلى أنه في عام 2021 ما زالت تعاني دول أوروبا الشرقية من صعوبات في إنشاء مؤسسات تهدف إلى حماية سيادة القانون واستمرار مشاكل الفساد.
وفقا لهذه الدراسة، انخفض مؤشر الديمقراطية لعام 2021 إلى 5.28 من 5.37 في عام 2020، وهو أكبر انخفاض سنوي منذ عام 2010. ويعزو التقرير الأسباب إلى نتائج “التأثير السلبي للوباء على الديمقراطية والحرية حول العالم للعام الثاني على التوالي، مع اتساع كبير لهيمنة سلطة الدولة وتآكل الحريات الفردية ، وفقا للتقرير.
يعيش الآن 45,7 بالمائة من سكان العالم، أي أقل من النصف، في ظل نظام ديمقراطي، وفق المؤشر، وهو تراجع كبير مقارنة بعام 2020 الذي سجل 49,4 بالمائة، بينما 6,4 بالمائة فقط يعيشون في دول تتمتع بـ”ديمقراطية كاملة”.
وكالات/ أورونيوز