تابعت النقابة الوطنية للصحافة المغربية باهتمام كبير تغطيات وسائل الإعلام المختلفة لاحتجاجات مواطنين في مدن مغربية مختلفة للتعبير عن موقفهم إزاء قضية إلزامية التلقيح وإلزامية حمل جواز التلقيح من أجل الولوج إلى بعض الأماكن المغلقة.د
وأكدت النقابة الوطنية للصحافة المغربية في بلاغ تتوفر جريدة “كليك نيوز“على نسخة منه على حق المواطنين والمواطنات في التعبير عن آرائهم و عن مواقفهم بالأشكال التي يقدرونها مناسبة وكفيلة بالتعبير عن الآراء و المواقف في إطار القوانين العامة المنظمة لذلك، فإنها معنية أيضا بأداء كثير من وسائل الإعلام الوطنية أثناء تغطية هذه الاحتجاجات، والنقابة إذ تنوه بالتزام كثير من هذه المؤسسات بالشروط المهنية واحترام أخلاقيات هذه المهنة النبيلة، فإنها بالقدر نفسه ترى من واجبها التنبيه إلى العديد من الاختلالات المهنية والأخلاقية التي اقترفتها بعض المنابر والتي مثلت خروقات واضحة جدا لمقتضيات ميثاق أخلاقيات المهنية، سواء تلك المرتبطة بالمسؤولية المهنية أو مصداقية الخبر أوبالمسؤولية تجاه المجتمع أو باحترام الكرامة الإنسانية.
إن هذه الاختلالات -يضيف بلاغ النقابة- المرصودة تسيء من جهة إلى نبل العمل الصحافي، ومن جهة أخرى تخل بالمسؤولية الأخلاقية. وفي هذا الصدد لاحظت النقابة بكثير من الاستياء والقلق إعطاء الفرصة لأشخاص أقحموا مختلف أشكال الشعودة والتدجيل في قضية تكتسي صفة علمية صرفة، كما أقحموا اعتبارات دينية وادعوا حروبا بين الديانات في أزمة صحية علمية طارئة أصابت البشرية جمعاء بغض النظرعن عرقهم أوديانتهم أو انتماءهم الجغرافي. وبذلك جعلت هذه المنابر نفسها حمالة للحطب، وناقلة لمضامين إعلامية خطيرة تمثل تهديدا حقيقيا للمجتمع. إن من واجبات المؤسسات الإعلامية، ومن صلب واجبات الصحافيين الإخبار والتعليق وإجراء نقاش عمومي مفيد يؤطره علماء ومختصون بالنظر لطبيعة الموضوع، كما من واجبها نقل مواقف وتعبيرات المجتمع المختلفة والتي تكون مرتبطة بالقضية مضمونا و شكلا، وتحترم وعي ونضج الجمهور، وتضمن حقوق المجتمع ومحاربة كافة أشكال التضليل.
و ترى النقابة الوطنية أن أبرز هذه الانزياحات عن ميثاق أخلاقيات المهنة أثناء تغطية هذه الاحتجاجات تتمثلت في:
– عدم التوازن في نقل وجهات النظر بخصوص قرار إلزامية حمل جواز التلقيح، بحيث تعمد وسائل إعلام إلى عرض وجهة نظر واحدة مدافعة أو رافضة للقرار. مما يشكل إخلالا بمبدأ الحيادية، بل إن بعض المنابر تتحول إلى متخصصة في التهجم على الآراء الأخرى ولو اقتضى الأمر الاختلاق أو نشر معلومات غير مؤكدة.
– تلجأ بعض المنابر أثناء تغطية الاحتجاجات إلى استيقاء تصريحات من مواطنين تحمل إما اتهامات غير مسنودة بأدلة، أو مزاعم بوفيات وتداعيات صحية خطيرة بعد تلقي اللقاح، ويتم بث هذه التصريحات دون التثبت من مصداقيتها، ودون تنبيه المصرحين بالتتبعات القانونية لما يدلون به، وفي بعض الأحيان نكون أمام شبهة استغلال جهل مواطنين بالقانون من أجل الحصول على تصريحات، الهدف منه خلق الإثارة.
– تركز بعض المنابر على تصريحات مثيرة تتضمن قدرا غير يسير من المعلومات غير العلمية والمضللة، والتي من شأنها إثارة الرعب وسط المواطنين، وتهديد الأمن الصحي للمواطنين، وأحيانا تكون هذه الإفادات مختلطة بعناصر من عوالم الدجل والشعوذة، وإذا كان إيراد الآراء التي تحمل غرابة مما لا تمنعه القوانين وأخلاقيات المهنة، فإن ذلك مشروط بتعليق المنبر الصحفي الذي يخلي فيه مسؤوليته مما قيل، وتوضيح خطورة تلك الإفادات على المجتمع.
– ومن أجل البحث دائما عن الإثارة تمرر بعض المنابر، وبطريقة لا يمكن وصفها سوى بالانحطاط المهني والأخلاقي فيديوهات تتضمن تصريحات لمواطنين في وضعية إعاقة ذهنية، أو في وضعيات غير طبيعية، مما يعد إخلالا بواجب احترام الكرامة الإنسانية.
– تورد بعض المواقع صورا وفيديوهات تتضمن تصريحات لقاصرين يحكون عن تجاربهم مع اللقاح، دون التأكد من صدقيتها، ودون تغطية أوجههم.
إن النقابة الوطنية للصحافة المغربية إذ تنبه إلى هذه الاختلالات، فإنها تخبر الرأي العام الوطني أنها ستراسل المجلس الوطني للصحافة على وجه الاستعجال للمساهمة من موقعه في العمل على وضع حد لهذه الانزلاقات، وتدعو بالمناسبة جميع المنابر والصحافيين إلى عدم الانجرار وراء الانزياحات، وتصحيح كل الاختلالات المرتبطة، سواء بتغطية الاحتجاجات المتعلقة بجواز التلقيح، أو بعموم ما يرتبط بالأخبار المتعلقة بفيروس كورونا المستجد. كما تعبر النقابة عن انشغالها بتقصير الحكومة في تنوير الرأي العام بشكل مستمر وتقديم توضيحات وافية ومقنعة وبصفة منتظمة حول مختلف المزاعم التي روجت حول اللقاح، كما تطالبها بتيسير سبل الوصول إلى المعلومة واستعمالها، وإلى فتح نقاش عمومي في وسائل الإعلام العمومية بمشاركة مختلف الأطراف بما يعكس التعذير عن مختلف الآراء والأفكار.
وتؤكد النقابة الوطنية للصحافة المغربية من خلال هذا البيان أنها تحرص كل الحرص على توفير جميع الشروط الكفيلة بتحقيق حقوق وواجبات الصحافة الوطنية فيما يهم تغطية كل ما يقع بالمجتمع، و فيما يتعلق بنقل الآراء والمواقف ووجود نقاش عمومي حقيقي يعكس واقع الاختلاف والتعددية و يضمن حرية الرأي والتعبير .