محمد حميدة/ كاتب صحفي/مصر
تصرفات الشعوب وأخلاقها ليست عبثة أو محض صدفة، لكنها نتاج ثقافة ممتدة متأصلة ومتأثرة بسياق تاريخي بكل مشتملاته الثقافية والاجتماعية والسياسية، مع مراعاة بعض المتغيرات الحالية.
انطلاقا من الحفاوة والاستقبال المبهج لبعثة الأهلي في المغرب الشقيق يمكننا الوقوف عن عدد من النقاط الهامة.

النقطة الأولى أن استقبال المغرب على المستوى الرسمي أو حتى الشعبي للأهلي ليس مصطنعا ولا حتى بروتوكوليا، بل هي ثقافة مغربية تجدها في الصغير قبل الكبير في الشارع في المطعم في كل الأماكن التي تتواجد بها على الأرض الطيبة، وهي نتاج حقيقي لثقافة مغربية متأصلة وليست مصطنعة لإظهار صورة ما أو غيرها.
بعيدا عن الاستقبال الرسمي للمنتخب في المطار استغرق الأمر مني نحو ساعة تنقلت فيها عبر صفحات الاشقاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أشخاص من مستويات ثقافية مختلفة ومناطق مختلفة، لكن الرابط بينهم هي الخلفية الحضارية لدولة يعود تاريخها لما يقرب من 700 ألف سنة منذ الحضارة الآشولية(العصر الحجري القديم) والموستيرية وصولا للحضارة الإسلامية الممتدة، هذه الحضارة تركت أثرها حتى اليوم فيما نراه رغم ما فعلته الحداثة ومواقع التواصل إلا أن عادات الشعوب وثقافاتها الاصلية دائما تطغى إذا ما حل على أرضهم ضيف.
النقطة الثانية..المصريون في المغرب لهم خصوصية وجواز سفر خاص، لن تحتاج هناك أن تعرف نفسك أنت من أي بلد، يكفي أن تنطق بجملة بسيطة، مباشرة سيعرف من يتحدث معك أنك من “أم الدنيا”، هذا المصطلح الحاضر دائما على لسانهم هناك، وبعدها ستجد ترحيبا من نوع خاص، وربما هذا ما يلاحظه كل الجماهير التي تتواجد في المغرب لتشجيع النادي الأهلي حاليا.
الجانب الآخر أن الحدث الرياضي الذي بات يحظى بمتابعة هامة ويمكنه أن يقرب الشعوب أو يبعدها يمثل فرصة كبيرة للشعوب صاحبة التاريخ والحضارة أن تنال ما تستحق من حب وتقدير واحترام، ولعل الحفاوة الكبيرة بالبطولة الخليجية التي نظمت في العراق كانت خير دليل على ذلك ورغبة الشعوب العربية في عودة العراق لمكانته كانت صادقة.
النقطة الثالثة والملمح الأهم أن الرياضة لا يجب تسييسها لأن عواقب هذا الأمر خطير جدا وأصبحت أثاره أبعد من تصورات صناع القرار إن كانوا يظنون أن الأمر يمكن أن يظل تحت السيطرة…جماهير الكرة أصبحت أكبر من جماهير السياسة والأحزاب وكل الفئات ويمكنها أن تحول العلاقات مع أي دولة أخرى لمراحل خطرة.
في الختام أتمنى التوفيق للنادي الأهلي في هذه البطولة كما هو الحال بالنسبة لفريق الوداد المغربي، وأن يقدما ما يليق بالكرة العربية المصرية والمغربية التي يتابعها نحو 140مليون مواطن من البلدين.
vm3euj